بحثت أطروحة دكتوراه في كلية الآداب/جامعة القادسية بعنوان (النثر الحكائي في تفسيريّ نور الثقلين والميزان) للطالبة مكارم خشّان حيّون بإشراف الأستاذة الدكتورة شيماء خيري فاهم, على قاعة الملتقى
ويزخر الموروث العربي بالنصوص الأدبية لاسيما السردية منها في طيّات المؤلفات ومنها كتب التفسير القائمة على النص القرآني الزاخر بأخبار الخليقة والأنبياء(سلام الله عليهم) وحكاياتهم, فهي مادة سردية ثرّة, فسرد الأخبار والحكايات يعدّ من أقدم الوسائل في التعليم والتعليل والتحليل وترسيخ القيم والمعاني السامية في كل المجالات التأريخية والعلمية والأدبية, وفي طليعة العلوم الإسلامية يحتل تفسير القران الكريم الصدارة, ولكي تٌقرّب معانيه إلى الإفهام وتترسخ أحكامه في الأذهان استعان المفسرون بالمرويات الحكائية كونها مليئة بالموضوعات التي يبحثونها في التفسير, وتم في هذه الدراسة الوقوف على النثر الحكائي في المرويات التي جَهِد المفسران في منحها مساحة لا يمكن التغاضي عنها في تفسيري نور الثقلين للمحدث الجليل العلامة عبد علي بن جمعة العروسي(تـ1112ه), والميزان في تفسير القرآن للعلامة محمد حسين الطباطبائي(تـ1402ه)؛ فتفسير نور الثقلين يعد من التفاسير الإخبارية إذ يرتكز على السرد الحكائي بشكل كامل, وتفسير الميزان يخصّص مبحثا روائيا يسرد فيه الكثير من الأخبار والحكايات التي تصبّ في مختلف موضوعات التفسير, ولتحقيق أكبر قدر من الفائدة من استعمال هذه السرديات في علم التفسير لابد من القيام ببعض الإجراءات كالالتزام ببعض المعايير الثقافية والمقاييس التي من خلالها يفهم المتلقي ويحكم على العمل الأدبي ويفيد منه, وهنا تتحقق المسافة الجمالية في فهم التأريخ الأدبي من خلال تحويل مسار الأدب الى الذائقة في النص التفسيري, ولا ضير من تطبيق المنهج النقدي الأدبي على الأجناس السردية القديمة التي تحفل بها بعض كتب التفسير, ففيه إحياء للتراث.
وجاء الفصل الأول(( دراسة في الأنواع والوظائف)) في مبحثين الأول تتبعت فيه الباحثة الخبر وأنواعه ووظائفه, ثم الثاني تتبعت فيه الحكاية وأنواعها ووظائفها, وكان عنوان الفصل الثاني((الراوي والمروي له)) وجاء في مبحثين الأول الراوي وأنواعه ووظائفه, وتناولت في المبحث الثاني المروي له, ثم جاء الفصل الثالث((المروي)) في أربعة مباحث درست خلالها الحدث, والشخصية, والزمان, والمكان.
وفي الخاتمة عرضت الباحثة أهم النتائج التي توصلت إليها خلال البحث ومنها: إختلاف طريقة الحويزي عن الطباطبائي في التعامل مع المرويات السردية إذ اعتمد الأول على النقل وترك للقارئ التأمل والتمييز, بينما اعتمد الطباطبائي على النقل والنقد والتحقيق والتمحيص, وإن عناصر تشكيل السرد في المروي تشغل في الحكاية مساحة أكثر فتكون الحركة في بحث بنياتها أوسع, في حين تجد المكون الأبرز للخبر هو الحدث فيظهر فيه أكثر تفصيلا مقارنة بالمكونات الأخرى والتي قد تختفي في بعض الأخبار, ثم أتبعت الباحثة الدراسة بقائمة المصادر والمراجع التي اعتمدتها خلال الدراسة, إن هذه الدراسة تكشف عن جانب علمي أدبي في التفسيرَين وتفتح الأفق إليهما بين أيدي الباحثين